المؤمن كالغيث
أحبابنا الكرام ..
الكثير من القراء الكرام قد قرؤوا في صفحاتي والمنتديات
قصة عن ابن أخت لي آذته الأمراض ولا سبب لها واضح .. !
هكذا فلتكن البيوت .. مسابقة من نوع مختلف أمام عيني وأنا أضحك !! ( عجيبة ))
ماذا يريدون بهذا الصغير حتى أصبح لا يستطيع الوقوف على قدميه (( بالدموع أكتبها ))!!
(( فيصل ))
لم يتجاوز الحادية عشر من عمره ..
في الصف السادس الإبتدائي ..
مليح الوجه باسم المحيا حاز على قلوب الناس بالإجماع ..
فتعجز أن تجد له عدوا ..
حيث أن طيبة قلبه لا تقاوم ..
وخفة ظله تسرق الابتسامة من أفواه الصامتين فضلا عن عاشقي النكتة ..
لا يتكلف الدعابة .. فتُلقى على لسانه فيطرب لها الجنان
كلاما نظيفا وعبارات مهذبة ..
لم أسمع منه مذ عهدته أمام عيني كلمة نابية
أو عبارة خبيثة ..
فهو لا يرفعها ولا يعشق المنكر
ويبعد عنه ويفر منه فطرة فطره الله عليها ..
يحفظ نصف القرآن .. ولو كان في عمره بقية لختمه ..
قرر أبواه وقرر هو ؛ أنه بعد أن ينتهي من الدراسة الثانوية ..
أن يلحق بخاله ( المؤمن كالغيث ) في المدينة فقد أعددت نفسي من الآن
فرحة بقدومه وقد صدر قرار تعييني معيدا قبيل وفاته بثمان وأربعين ساعة فقط ..
فقلت لن يأتي المدينة إلا وقد تيسرت أموري فأراه على عيني
وقد رأيت فيه مشروعا علميا دعويا ..
فهو مهيأ للمجد ووجهه وجه صالح ولسانه لسان مربي رغم صغر سنه
كانت له علي سطوة ليست لغيره وكنت أشاركه ألعابه أيا كانت
إذا طلب .. فهو حبيب خاله وقرة عينه .. ورفيق دربه
كان من محبي العبادة رغم حداثة سنه ..
كان حفظه الله في رمضان ..
يسابق أهله ليختم كتاب الله .. فلم يسبقه أحد ..
وقد زارني في رمضان الماضي ( 1429هـ )
وأنا على فراش المرض .. فقال لي والله يا خالي سألت أمي – رمضان –
قلت لها : أين وصلتي في القرآن .. ؟
فوجدت أمي قد سبقتني بخمسة أجزاء ..
فاضطررت ( أدعس ) في القراءة .. ( أسرع فيها ) على حد تعبيره ..
وفعلا سبق الجميع
كان يصلي الفجر ويجلس يقرأ حتى الشروق ويصلي الإشراق ويعود ..
نحن لا نتحدث عن كثير ممن سيماهم الالتزام وهم لا يعرفون سنة الفجر ..
أتكلم عن مرفوع التكليف وصغير السن ..
كنت إذا زرنا أهله في البيت يأتي فرحاً يسلم على رأسي ويدي
ويجلس بجواري ..
فأداعبه وأستغفله وأقرصه قرصات خفيفة ..
فيضحك .. ويقول : يا خالي الله يرحم أبوك بدون تقريص .. تكفى يا خالي ..
ويستمر الضحك ويدور ..
حقيقة .. كنت أسعد برؤيته .. جدا ..
وأحبه كثيرا ..
تعاقبت عليه الأمراض ومكث في المستشفيات .. ولا يزال متصدرا في شهاداته الدراسية رغم مرضه وكثرة غيابه ..
وكنت أتحاور معه بالماسينجر
ونتجاذب أطراف الحديث ..
ويأتيني اتصال في عصر الثلاثاء ..( وقت كتابة المقال )
كيف حالك أخب المؤمن كالغيث ..
وإذا أحد معلميني الأفاضل في مدينة أخرى ..
يتصل بي ..
عظم الله أجرك ..
خير إن شاء الله من مات ؟
قال : فيصل !!
فيصل من ؟
فيصل ابن رحيمك .. ومعلمي هذا هو وكيل المدرسة التي
يدرس بها فيصل ..
فيصل ... فيصل .؟؟
مات ؟؟
أغلقت الهاتف لأتصل بأهلي وتأكد الخبر ..
لتصبح محادثاتي الخيرة هي آخر محادثات ..
حرمت باجتهاد غير مصيب .. من الأسرة من السلام عليه والصلاة عليه
من باب شدة محبتي وأني في فرحة التعيين معيدا بالجامعة ..
ولتعلقي بفيصل الشديد .. وأيضا لأن الفترة فترة اختبارات وكلها أعذار
تهون أمام أغلى إنسان ..
لم أظن أن تشرق علي شمس لا أسمع له صوتا ..
ولا أجد له أثرا .. ولا خبرا ..
كان يخاف من بعض الأشياء البسيطة كخوف الصغار الطبيعي من بعض الصور
واليوم ..
تركناه بأيدينا ..
في أبشع مكان .. ولولا أنها سنة الشرع ومصير الناس ..
لما رضينا بترك قرة العين .. وسعادة الفؤاد ..
مات وهو ممتنع عن الأكل قد حرم نفسه من أبسط المتع ..
-----------------------
اتصال ... بعدها بوقت بسيط ..
من معلمي الفاضل ..
يقول : كنت عنده في المغسلة ( مغسلة الأموات )
وشاهدت من أمره عجبا :
ابتسامة تشرح صدر الناظر ..
ابتسامة المؤمن الصغير والمهدي قبل التكليف ..
والصالح قبل البلوغ ..
ودعنــــا وكلي ألم وحرقة ..
أني لم تقع عيني عليه ولم أودعه لأني بعيد عنهم وفي مدينة أخرى ..
ودعناه من مدينة الحبيب وأرسلتها من المسجد النبوي ..
دعوات صالحة أن يجعله فرطا وشفيعا وأجرا .. وأن يجبر مصاب والديه ..
وإخوته .. والحمد لله